“عَبري تذهب إلى مدينة البكاء؛ عَبري تذهب إلى الألم الأبدي. عَبري تصبح ضمن المفقودين”. -دانتي أليغيري ، الجحيم
بعد فشله في الفوز بمسابقة روما للفنون مرتين عام 1848 و 1849؛ أراد الفنان العظيم «ويليام أدولف بوجيرو-William-Adolphe Bouguereau» ان ينتقم ويثبت كفاءته، فقدم الفنان الشاب لوحة أكبر مستوحاة من دانتي. والتي كانت أعماله محبوبة من قبل فناني المدرسة الرومانسية الذين استولوا على كل جمالها الدرامي في أعمالهم .
بلا سيف ولا رمح ولا درع يقف الفتى راعي الغنم الذي لم يبلغ الشباب بعد وحيدًا، أمام الطاغوت المحتمي بجيشه وسيفه العملاق ودرعهُ الحديدي الذي لم تنجح السهام والرماح في إختراقه، في صمت متوتر يراقب الجيشان الموقف في إنتظار أن يقتل العملاق الفتى وتستمر المعركة، يفكرون: إن هي إلا لحظات عابره ويُقتل الفتى الطائش الذي ظن نفسه بطلًا كما يظن الأطفال أنهم يستطيعون الطيران.
لكن ماذا اذا استطاع الصغار الطيران حقًا ولم نصدقهم؟
“متعة تأييد جالوت هو أنك تتوقع الفوز. لكن متعتة تأييد ديفيد هو أنه على الرغم من أنك لا تعرف ماذا تتوقع، فلديك على الأقل فرصة للألهام”.
يذهب الراعي الموهوب في عزف القيثارة والغناء مع أبيه «يسي» من بيت لحم وأثنى عشر أخًآ هو أصغرهم في جيش «طالوت:شاول» ملك بني إسرائيل لحرب «جالوت:جاليات» وجيشه من العمالقة، فلما احتدم الصراع سأل جاليات عن محارب شجاع ينازله على الفوز بالمعركة فتقدم الفتى وسأل مليكهُ أن يصارع العملاق؛ فأذن له بعد أن ألبسه درعًا وخوذة من نحاس، إلا أن الفتى لم يقدر على حملهم فطرحهم أرضًا وذهب للقتال لا يرتدي إلا ملابس الرعي الفقيرة ومقلاعهُ وحجارتهُ، وكانت المعجزة فقتل الراعي ملك العمالقة وقطع رأسه بسيفهُ، ليصبح لاحقًا الملك النبي… «داود: ديفيد».
بدأت معركة ديفيد بين مايكل أنجلو وبرنيني؛
في 16 أغسطس عام 1501 عندما كلف التاجر الميسور «أرتي ديلا لانا- Arte della Lana» الفنان الأسطوري ذو ال26 عامًا «ميكلأنجلو- Michelangelo» بعمل تمثال «ديفيد : داود-David» ليكون واحد من دعائم كاتدرائية فلورنسا، فقبل مايكل أنجلو على الفور. نُحت التمثال من قطعة رخام ضخمة ذات تاريخ غريب؛ يقال أن الفنان «دوناتيلو- Donatello» قد كُلف بعمل تمثال ديفيد من نفس كتلة الرخام قبل أربعين عاما، لكنه بدأ العمل ولم يُكمله، فيما بدأ مايكل أنجلو العمل على تحفته في 1501 وانتهى في 1504.
يُظهر التمثالان مراحل مختلفة من معركة ديفيد وجالوت:
ميكلأنجلو يصوره قبل المعركة، يقف عاري -وهو أول تمثال عاري تمامًا يعرض علنًا منذ عصر الفن الروماني- وهو يحمل المقلاع بيده اليسرى فوق كتفه الأيسر، ويده اليمنى تستريح على فخذه الأيمن وتحمل الحجر الذي سيقتل جالوت لاحقًا، الجزء الأكبر من وزنه يقف محملًا على ساقه اليمنى، وهو الوضع الروماني المثالى للتماثيل المسمى «كونترا بوستو-contrapposto» وهو يعطي المشاهد إحساس بإمكانية الحركة، ينظر ديفيد إلى عدوه بغضب وترقب وبعض الخوف من القتال الوشيك.
يرى النقاد أن ديفيد ميكلأنجلو يمثل مدينة فلورنسا، وجاليات يمثل عائلة ميديشي، الذين تم الإطاحة بهم قبل خمس سنوات -من التكليف بالتمثال- ويقف مواجهًآ الجنوب كتحذير لروما، التي كانت معادية لفلورنسا وقتها، إلا أن موهبة مايكل أنجلو الأسطورية لا تحتاج كثيرًا من التفاصيل لتبهرنا، فبالإضافة إلى حجم التمثال العملاق «أكثر من خمسة امتار» إنظر أيضًا إلى العينين واليد المقبوضة على الحجر التي أصبحت رمزًا في مهارة النحت بحد ذاتها…
عام 1620 كلف الكاردينال «سيبيوني بورغيز-Scipione Borghese» ابن شقيق البابا يوحنا بولس الخامس، النحات ذو ال25 عامًا «برنيني- Bernini» بعمل تمثال آخر لديفيد بالحجم الطبيعي فأكملهُ الفنان في سبعة أشهر فقط وتم الاحتفاظ به في قصر بورغيز في روما حيث لا يزال يقف هناك إلى اليوم.
فيما يصور بيرنيني المشهد التالي من القصة؛ ديفيد يحمل المقلاع في وضع الإطلاق على استعداد لرمي الحجر القاتل إلى جبهة جالوت، وهو مغطى بقطعة قماش بسيطة وحقيبة صغيرة معلقة إلى جانبه تحتوي حجارة المقلاع، و أصابع قدمه اليمنى تستريح على صخرة، في وضع واقعي للتحرك أثناء القتال، تحت قدميه نرى درع «طالوت-شاول» الذي خلعه قبل المعركة لثقل وزنه، كما نرى قيثارة داود الشهيرة ملقاة بجانبه نصف مغطاة، في رمز للموسيقى وحقيقة أنه اضطر إلى ترك موهبته الموسيقية وراءه لفترة من الوقت للتركيز على المعركة.
كعادة برنيني يمكننا مشاهدة التمثال من عدة جهات فمن الجانب الأيمن نرى حركة ديفيد التى تبدو كقفزة نحو الهدف، ومن الامام نرى المقلاع كأنه سينطلق نحو المشاهد، فيما نرى رشاقة الحركة والاتزان من الجانب الأيسر، يجب التحرك حول التمثال لتراه كاملًا قصد الفنان ذلك لكي يلغى الفصل بين المتفرج والتمثال فكلاهما يقفان الآن في نفس الفضاء، فيخلق المتفرج عقليا جالوت كأنه يقف خلفه، ومن زاوية اتجاه نظرة داود الشرسة نخمن بالضبط طول قامة جالوت وأين وكيف كان يقف.
ويقال أن وجه ديفيد في هذا العمل هو وجه النحات برنيني نفسه حيث يبدو أنه قد أحس انه ان نجح في هذا التمثال فستستمر شهرته على مر الزمان وسيخلد وجهه للاجيال القادمة وهو ماحدث بالفعل.
بعد كل ذلك تأمل المهارة البشرية في نحت الخامة شديدة الصعوبة وتحرير الجسد البشري من وسط الرخام وقل لنا أيهما تفضل؟
هذه القصة حقيقية تماما: منزل مهجور علي التلال خارج مدريد يسكنه رجل عجوز وحيد أصم، ماذا يفعل هذا العجوز في الظلام على ضوء الشموع كل ليلة، أي هلاوس سوداء تملأ عقله وماذا يفعل غير أن ينقل لنا تلك الهلاوس لكي تؤرق ليالينا رعبًا كما أرقته.
《نوم المنطق يوقظ الوحوش/The Sleep of Reason Produces Monsters》
مغمضة العينين تغيب الفتاة في القُبلة الساحرة فتلمس يدَها عُنق حبيبها برقة بتلات الورود، وتلتف أجزاء جسديهما كلً حول رفيقهُ فلا تعرف أين يبدأ العاشق وأين ينتهي، فيما ينهمر الحب حولهما ذهبيًا متألقًا يكاد يعمي الأبصار.
«إبن الإنسان-son of man» هي أكثر اللوحات السيريالية شهرة في كل العصور فقد تم إستخدامها في العديد من صور الثقافة الشعبية من تصوير أغنية «الصرخة-Scream» لمايكل جاكسون.
النحات الأكثر إثارة للجدل في القرن العشرين، أحد فناني هتلر المفضلين ونحات ألمانيا النازية الأول، الرجل الذي رافق هتلر شخصيًا في العديد من أسفاره واستمع إلى اعتراف الشيطان بآثامه دون أن يُعارض جهرًا أو ينسحب من خدمة الديكتاتور، هل يكفي ذلك لننساه كليًا ونسقطهُ من تاريخ الفن؟
عام 1900 سُئل ديغا ومونيه عن الفنان الذي يعتقدان أنه أكبر رسام في القرن التاسع عشر؛ فكان جوابهم هو 《وليام بوغويرو》
ولوحتي «بيتا – Pieta» و «مادونا الزنابق- The Madonna of the Lilies» تعدان سبباً كافية لذلك، يمثل فيهم «ويليام أدولف بوغويرو» رحلة المسيح والعذراء من الميلاد إلى الصلب.
واحد من كل عشرة أشخاصٍ يعانون من الاكتئاب يحاول الانتحار… واحد من كل أربعة أشخاصٍ يحاولون الانتحار… ينجح. يعتبر الانتحار ثاني أهم سبب للوفاة بين من تتراوح أعمارهم بين 15و 29 عاما. أي شخص يُظهر ميول انتحارية يجب أن يؤخذ على محمل الجد…