هذا الرجل الوسيم المرسوم أمامك هو الفنان الفرنسي جوستاف كوربية الذي كانت أعماله بداية الثورة علي التقاليد الفنية القديمة التي عمل بها الفنانون منذ عصر النهضة الايطالية والتي تتسم بالرصانة والهدوء، فلم يعبر فناني المدرسة الرومانسية عن الانفعالات والمشاعر بهذا الوضوح ابدا من قبل.
«عُمَرِي خَمْسُونَ عَامًا عَشَّتْهُمْ فِي الحُرِّيَّةِ, فَدَعْنِي أُنْهِي حَيَّاتِي حرًا, وَعِنْدَمَا أَمُوتُ قُلْ هَذَا عَنِّي: لَا يَنْتَمِي إِلَى أَيِّ مَدْرَسَةٍ، وَلَا كَنِيسَةً، وَلَا مُؤَسَّسَةً، وَلَا أَكَادِيمِيَّةً، وَلَا نِظَامَ مَا عَدَا نِظَامَ الحُرِّيَّةِ». -غوستاف كوربية
لذا حاربه المجتمع الفرنسي والقائمين على المجتمع الفني، فرفضت المعارض الفنية الفرنسية عرض أعماله باعتبارها ذوق سىء لا يناسب المجتمع الراقي!
«انا أَكْثَرُ رِجَالِ فَرَنْسَا فخرًا وَ غروراً».
العديد من لوحات كوربيه المبكرة هي صور ذاتية مثل هذه الصورة. ولأنه لم يكن طور أسلوبه الواقعي للرسم، لذا فالعديد من هذه اللوحات الذاتية رومانسية الأسلوب بالخطوط الناعمة والسعي للكمال المميزان للمدرسة الرومانسية.
اليائس جوستاف كوربية
استخدم كوربيه هذه اللوحات كوسيلة للترويج الذاتي والإعلان، جعل كوربيت انطباعا مع صوره الذاتية ، كما استخدمها لإيجاد أسلوبه الفني الخاص. بعد هذه الفترة أصبح كوربيه مقتنعاً بأنه يجب على الرسامين أن يُشرحوا العالم من حولهم وهم يرونها؛ يفسرونه للمتلقي وينقلون إحساسهم عنه. فوجدت أعماله الواقعية في أواخر عام 1840 دعمًا بين الرسامين الأصغر سناً الانطباعيين الجدد.
الفنان كوربية يعد حلقة الوصل بين المدرسة الرومانسية والمدرسة التعبيرية، فنرى أعماله تصرخ بمشاعر لم يتم تصويرها في الاعمال الفنية من قبل ورغم اعتراض المجتمع على أعماله فقد أستمر في التعبير عن المشاعر والموضوعات شديدة الصدق و الصادمة احيانا حتي أجبر المجتمع الفني علي القبول بها، ومازال اسمه يذكر حتى اليوم كرجل اجبر الجميع على احترام موهبته وفكره ولم يرضخ تحت الضغط ولم يتراجع قط.
بورترية 1842
لوحة «Le Désespéré-اليائس» هي صورة ذاتية للفنان غوستاف كوربيه كشاب في ذروة الأنفعال. تعرض لقطة مقربة جدا لوجه الفنان تكاد تقفز من القماش وعيونه مفتوحة على مصراعيها تبدو كأنها تغوص في المشاهد وترى ما بداخله .
لكن من غير الواضح ما إذا كان اليأس الذي صور في اللوحة هو العاطفة الحالية للفنان وقت رسمها أم مجرد ممارسة نظرية. كانت لوحات هذا الوقت ترسم عموديًا، لكن كوربية اختار استخدام اتجاه أفقي لطلته -كسر للتقاليد- ويعتقد أنه كان حريصا بشكل خاص على هذه القطعة لأنه أخذ معه إلى المنفى في سويسرا.
لطالما كانت هناك مدرستان أساسيتان في الفن: المثالية والواقعية؛ كوربية ينتمي إلى الواقعية، لكنه يختلف عنها في أنه قد اتخذ مثاليًة مضادة للمثالية المعتادة: في حين ينسخ الواقعيون الطبيعة كما يرونها، يبدو أن رسامنا يسخر من ذلك، ويقول: «القبيح فقط هو الجميل، وهو فقط المحبوب». لا يكفي أن يكون الناس حقيقين بل يختار أشخاصه ثم يبالغ عمدا في فظاظتهم وسوقيتهم.
لوحة اليائس لا تزال صورته الشخصية الأكثر شهرة تم رسمها عام 1845 وتجمع بين عناصر الرومانسية وهو أسلوب كان بارزًا حتى منتصف القرن التاسع عشر، والتعبيرية التي بدأت بعدها. لكن لا يمكن حقًا نسبها لأي مدرسة فنية بدون نقض وصية الفنان العظيم الذي طالما ما عاش حرًا خارج المدارس والقيود وأراد أن يستمر فنه خارج الحدود حتى بعد وفاتُه.
اسم العمل :《اليائس- Le Désespéré》
الفنان : 《جوستاف كوربية-Gustave Courbet》
المدرسة: 《الرومانسية/ Romanticism》
الخامة: زيت على توال