أحدى أغرب قصص الحب في التاريخ، تتقلب بين الحب الذي عبر الحد الفاصل إلى العبادة آحيانًا، والمقت المطلق آحيانًأ.
《إنه بدمائك يا جالا، ارسم لوحاتي/ it is mostly with your blood, Gala, that I paint my pictures》
اسمها الحقيقي هو «هيلينا إيفانوفنا دياكونوفا/ Elena Ivanovna Diakonova» امرأة شديدة الذكاء غامضة وفاتنة لديها حس فني عالي وتأثير قوي في الدوائر الفنية والثقافية في أوروبا، روسية الأصل كانت أكبر من دالي ب 10 سنوات عندما تقابلا عام 1929 وكانت متزوجة من الشاعر «بول إلوارد/Paul Eluard»، وأم لفتاة صغيرة.
كان حباً من أول نظرة، فقد وقعا في الحب في أول لقاء لهم في حضور زوجها وبعد طلاقها من إلوارد مباشرةَ، أنتقلت جالا للعيش مع دالي منذ عام 1929 ثم تزوجا في احتفال مدني عام 1934، ثم في احتفال كاثوليكي عام 1958 لأنهم كانوا بحاجة للحصول على تصريح خاص من البابا لأن جالا كانت متزوجة من قبل وكانت أرثوذكسية.
وأطلق دالي أسم «جالا» أختصارًآ لـ «جالاتيا» ومعناها «التي هي أبيض من الحليب» وهو اسم أسطوري قادم من الميثولوجيا اليونانية؛ من قصة بجامليون التي تحكي عن فنان صنع تمثال من العاج شديد الأتقان حتى آنه تحول لأمرأة رائعة الحسن وقع الفنان في حبها.
ثم أصبحت جالا ملهمة دالي خلال السنوات الأكثر إنتاجية من حياته الفنية حتى آنه وقع بعض أعماله بكلا اسميهما، كما كانت نموذجًا (موديل) متكررًا في منحوتاته ولوحاته وكثيراً ما صورها في هالة من التقديس والتعظيم كما شارك الاثنان أحيانًا في عروض من الفن الأدائي خلال الثلاثينيات، كما أنها أدارة جميع المعاملات المالية المرتبطة ببيع وتسويق أعمله.
وبسبب رهابه المزعوم من الأعضاء التناسلية الأنثوية ، قيل أن دالي لم يمس أمرأه قبلها حتى التقيا، بل أن هناك شائعات بأن زوجهما كان أفلاطوني وأن دالي لم يكن يهتم بهذا الجانب.
وعلى الرغم من حبهما العظيم، فقد كان زواجهما مفتوحًا حيث كان لجالا علاقات خارج نطاق الزواج بشكل متكرر مع عشاق آخرين بما في ذلك زوجها السابق بول ايلوارد، لم يعترض دالي على ذلك فقد كان مؤيد لفكرة تعدد العلاقات لكن يقال انه لم يخونها قط، بدأ دالي في الاعتراض فقط حينما واصلت جالا علاقاتها حتى الشيخوخة وبدأت تنفق أموالها على الفنانين الشباب حتى بعد السبعين!
وكان دالي أصيب بمرض منعه من حمل الفرشاة وبدلًا من البقاء مع زوجها ظلت تتركه وحيدًا لساعات وأيام وتطارد شباب في نصف عمرها تقيم معهم علاقات عابرة وتنفق أموال زوجها عليهم، أدى ذلك لخلافات متكررة بينهم حتى وفاة جالا، بعدها انتقل دالي للمدينة التي دفنت بها ليظل بجانب قبرها يزوره دائمًا ويستأنس بها حتى توفى بعدها ب٧ سنوات.
《اليوم يذهب العالم المادي الفيزيائي أبعد من العالم الروحاني، أبي اليوم هو دكتور هايزنبرج》-دالي
هذا العمل يمثل فترة الازدهار النووي، وهوس العالم ودالي بالعلوم وتفكك الذرة المؤدي لإنتاج الطاقة النووية فنراه صوّر وجه جالا وصدرها مكونا من ذرات مجزأة معلقة في الفضاء كنواة الذرة، تتكاثر نحو المركز بوضع محوري ثلاثي الأبعاد ذو منظور مُذهل يظهر قدرات دالي الفنية المذهلة وتكويناته شديدة التفرد التي جعلته أشهر فنان سريالي حتى يومنا هذا.
تمثل جالا هنا الأنثى الاسطورية الأبدية المكونة من المادة الأولية للكون وتدور مثل الأفلاك السماوية، يمكننا أن نرى مهارات دالي التقنية في تكوينه المُعجز وبراعة التوزيع المكاني ونقاء الألوان، وحبه الأزلي لجالا معجزته النووية ومحور حياته الأبدي…
اسم اللوحة:《جالاتيا ذات الأفلاك/ Galatea of the Spheres》
اسم الفنان:《 سلفادور دالي/Salvador Dalí》
المدرسة:《السريالية/Surréalisme》
عام 1952 زيت على قماش 65x 54 سم